سمير الوافي: ما شاهدناه في قرطاج هو الفاضل من التراث
علّق الاعلامي سمير الوافي، يوم السبت 15 جويلية 2023، على عرض “المحفل” لفنان الفاضل الجزيري الذي تم عرضه في افتتاح مهرجان قرطاج.
واعتبر الوافي عرض “المحفل” هو “الفاضل من التراث…والفاضل من النوبة والحضرة…والفاضل من الجزيري”.
وقال في تدوينة على حسابه الرسمي “فيسبوك”: “حشد مئات الراقصين والمغنين والمبخّرين فوق الركح لتبرير الكلفة…والإيهام بالضخامة والفخامة والحجم الفني…حيل مستهلكة لم تعد تنطلي ولا تكفي للإقتناع بالقيمة الفنية والجمالية للعرض الفني…بالعكس فهذا التكرار والإستسهال يثبت أن الفاضل الجزيري إستهلك نفسه وإستنفد قدراته على إستكشاف المزيد من كنوز التراث…فأصبح يكرر نفسه ويستسهل الركح ويستبله جمهوره ويستبيح التراث ويستهلك نفسه…لذلك فإن ما نشاهده اليوم هو الفاضل من التراث…والفاضل من النوبة والحضرة…والفاضل من الجزيري…!!!
وصل الجزيري إلى قمة إبداعه وإلى ذروة قدراته في الحضرة والنوبة…فقاد في زمنه ثورة فنية وثقافية صنعت مزاجا شعبيا جديدا…وشكلت ذوقا جماهيريا مختلفا…وألهمت مبدعين آخرين حاول بعضهم تقليده…وحاول آخرون مواصلة ما بدأه والتفوق عليه في ذلك…أما هو فقد ظل أسير رؤيته تلك ولم يتجدد ولم يتقدم…فحول النوبة والحضرة إلى مشروع تجاري مربح بعد أن كانتا مشروعا فنيا وثقافيا…وأصبح عاجزا عن البقاء في تلك القمة التي وصل إليها…وتدحرج إلى التكرار والتشويه والإستهلاك…وفشل في التفوق على نفسه…!!!
لست مع إستغلال فشل عرض البارحة للتنكيل بإسم الفاضل الجزيري…والإنتقام من كبارنا الذين لم ننجح في إستنساخهم ولم نعط الفرص لغيرهم…وظلمناهم بالمبالغة في تقديسهم…وبالتسامح مع إخفاقاتهم…لكن الفاضل الجزيري أصبح يستسهل قرطاج ويستهتر بالركح العظيم…ويحاول تغطية ضعف المضمون بضخامة الشكل…وبالحشود التي تعتلي المسرح لتوهمنا بحجم العرض…فهل تكرار أغان وأنغام تراثية بشكل أو توزيع جديد يستحق كل تلك الهالة المفتعلة !؟؟…وهل أن التراث الذي يشكّل هويتنا يحتاج إلى التغريب والتجديد والتهذيب بآلات موسيقية غريبة عن روحه وراقصين مودرن يغيرون مزاجه الأصيل !؟؟…وهل كل ذلك يستحق هالة قرطاج ومئات الملايين من المال العام وتقديس الجزيري !؟؟
هل تعلم أن هناك عشرات الفنانين التوانسة التي رُفضت مشاريعهم عدة مرات بحجة أن تكاليفها باهظة رغم أنها ربع قيمة الدعم الذي يناله الجزيري !؟؟…وأن أكثر من فنان تونسي يختصر حلمه ويتقشف في طموحه ويصغّر فكرته ومشروعه أو يدفع من جيبه لأن مهرجان قرطاج يفرض عليه مبلغا هزيلا !؟؟ وأن فنانا شابا وحالما وناجحا مثل مرتضى الفتيتي اضطر للدفع من جيبه فوق أجره لأن كلفة عرضه في قرطاج ضعف الأجر الذي اقترحوه عليه !؟؟…وإسألوا رؤوف ماهر الذي يناضل من أجل هوية الأغنية التونسية عن أجره السخيف الأقل من قيمة فكرته وحجم عرضه ووطنية مشروعه !؟؟”