هذا السبب الرئيسي وراء انقطاع الكهرباء في تونس
قال الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، هشام عنان، إنّ السبب الرئيسي للانقطاع التام للتيار الكهربائي في كامل أنحاء البلاد هو خلل على مستوى محطة تحويل الجهد العالي بمحطة رادس، نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 90 بالمائة، وقد اعتمدت فرق الشركة على الشبكة الجزائرية المرتبطة بتونس لتأمين التشغيل التدريجي لمركزيات الإنتاج الوطني.
وسجل على الساعة الواحدة النصف صباحا خلال الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والأربعاء انقطاع تام للكهرباء “بلاك آوت”، لتغرق البلاد في الظلام، ورغم التصريحات الرسمية التي سعت إلى تفسير الأسباب الفنية لهذا الانقطاع التام فقد أثار هذا الحادث لغطا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأوضح الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، هشام عنان، في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء الأولوية بالنسبة للشركة التونسية للكهرباء والغاز، مباشرة بعد الحادث كانت إعادة تأمين التزويد بالكهرباء، وحال إعادة التيار الكهربائي، شرعت فرق الشركة المنتشرة في كامل أنحاء البلاد في تجميع كافة المعطيات المتاحة عبر الشبكة لتشخيص الأسباب التي تكمن وراء هذا الانقطاع الكامل.
وأضاف “أظهرت أولى الملاحظات أن العطل العام كان نتيجة خلل على مستوى محطة تحويل الجهد العالي لمحطة رادس بسبب الرطوبة العالية جدا والتي بلغت نسبة 90 بالمائة، وكان هذا الخلل وراء الانقطاع الآلي لثلاث محطات انتاج برادس مما أدى إلى خسارة زهاء 875 ميغاوات عل مستوى هذه المحطات، مقابل طلب كلي في حدود 3226 ميغاوات”.
وأشار إلى أن “نظام الحماية الآلي أطلق لتعويض هذه الخسارة، لكن بالنظر إلى سرعة الحادث (4 ثواني بين العطب والانقطاع التام للكهرباء)، فقد تم تجاوز طاقة بقية محطات الانتاج الوطني (سوسة وقابس…) لينهار التردد تحت عتبة 5ر47 هرتز، الحدود الدنيا التي تسمح بتشغيل المركزيات ما يفضي إلى الانقطاع التام”.
كيف تم اصلاح هذا العطب؟
وأفاد الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، هشام عنان، بأن فرق الشركة التونسية للكهرباء والغاز، اختارت استنادا على الانقطاع التام المسجل سنة 2014، الحل الذي يمكّن من ربح الوقت، واعتمدت على الشبكة الجزائرية المرتبطة بالشبكة التونسية لإعادة التشغيل التدريجي لمحطات الانتاج الوطني.
وأضاف “تمثل الهدف الأساسي في إعادة بناء النظام الكهربائي من خلال إعادة تشغيل هذه المحطات والتأكد من خطوط الجهد العالي، لكن كذلك، من خلال إعادة نظام نقل الكهرباء ومحطات التوزيع متوسطة وضعفية الضغط”.
وبيّن أنه “تم في حدود الساعة الثالثة و35 دقيقة من فجر يوم الأربعاء 20 سبتمبر 2023، استعادة جوانب الانتاج والنقل والانطلاق في إعادة بناء تدريجية لبقية المنظومة”.
وأضاف “تمكنا بحلول الساعة السادسة من صباح يوم الأربعاء، من تزويد 95 بالمائة من المشتركين، من خلال مراكز القيادة الجهوية، باستثناء عدد محدود من المناطق وبالتالي فإن إعادة تشغيل الشبكة بشكل أوتوماتيكي لم يكن فعالا بفعل بعض الأعطاب مما تطلب تدخلات ميدانية من طرف فرقنا”.
وأكد أن 99 بالمائة من المشتركين تحصّلوا، بحلول منتصف نهار الأربعاء على الكهرباء، باستثناء بعض الجهات على غرار البحيرة وعين زغوان والتي أمكن تزويدها بالكهرباء في حدود الساعة العاشرة ليلا”.
العجز الطاقي هل هو أحد أسباب هشاشة منظومة الكهرباء؟
وبيّن الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، هشام عنان، أن الانقطاع التام للكهرباء حصل في وقت كان فيه الطلب على الكهرباء في حدود 3226 ميغاوات والحال أن القدرة الانتاجية المركزة للشبكة تقارب 5400 ميغاوات، مما يعني أن الانقطاع التام للكهرباء في كامل أنحاء البلاد ليس مرتبطا بالقدرة الانتاجية، وفق قوله.
وأضاف “في الوقت الحالي، تتيح قدرتنا الانتاجية الفعلية، نظريا، تغطية حاجيات تونس، بيد أنها، لا تمنحنا كمزودين للكهرباء، هامشا أكبر لمجابهة فترات ذروة الإستهلاك على غرار الفترات الصيفية”.
وأشار إلى أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز، تغطي الحاجيات الإضافية، من خلال اتفاقيات توريد للكهرباء تم توقيعها مع الجزائر في انتظار وضع برامج لتوسعة قدرات المحطات الوطنية وتحقيق ادماج أكبر للطاقات المتجددة.
انتقادات لعمليات صيانة وتعهد الشبكة الكهربائية
أكد عنان أن تعهد وصيانة المحطات والشبكات تعد أولوية مطلقة لدى الشركة حيث يؤمن هذا الجانب، على مستوى محطات الانتاج، من خلال اتفاقيات صيانة مبرمة مع المجهزين تحت رقابة ومتابعة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وتجري عملية الصيانة، وفق جدول زمني محدد سلفا، مع مراعاة حجم الانتاج.
كما أوضح أنه يتم كل عام تنفيذ عملية تفقد للوقود، فيما تجري عمليات قياس للحرارة كل 20 ألف ساعة وتفقد شامل بعد 48 ألف ساعة من الخدمة.
أما بالنسبة للجانب المتعلق بنقل الكهرباء، فقد شدد على أنه “يتم القيام بعمليات غسيل وتنظيف آلي، وقد تمت آخر عملية، أسبوعا قبل وقوع الحادث على مستوى محطة رادس لكن الرياح والأتربة التي عرفتها البلاد إلى جانب الرطوبة العالية، أدت إلى وقوعه”.
وأشار في هذا السياق إلى أن خطة الصيانة للعام 2023-2024، يتم تطبيقها في الوقت الحالي
هل من حلول لتفادي حدوث مثل هذا الانقطاع مستقبلا؟
أفاد عنان بأنه “من الممكن أن تثبت دراسة مقارنة عالمية بسهولة حدوث مثل هذا العطب الطارئ في عدة بلدان أخرى على غرار فرنسا وايطاليا وان الأنظمة الكهربائية، وخاصة محطات الجهد العالي الهوائية، تعدّ حساسة للظواهر المناخية مثل الرطوبة، وهذا ما يبرر التوجه الذي اعتمدته الشركة التونسية للكهرباء والغاز بخصوص اقتناء محطات مدرعة في المستقبل”.
وأكد أن “الواقع أثبت أنه لا يمكن تفادي هذه الحوادث بنسبة 100 بالمائة، وفي حال تسجيل ذروة على الطلب بصفة مسبقة، فإنه يقع التوجه إما الى قطع التيار الكهربائي بصفة دورية مع الجهات المعنية، أو الترفيع في عقود توريد الكهرباء على غرار ما تم إبرامه مع الجزائر السنة الفارطة… ولكن لا نعتمد هذه الاجراءات عند وقوع حادث طارئ. بل نفعّل خطط الدفاع الأوتوماتيكية قصد تحقيق التوازن بين العرض والطلب”.
ولتفادي هذه الانقطاعات، أكد أنه “يتعين علاوة على الشبكة الوطنية، ضمان توفير ترابط للشبكات مع بلدان الجوار وغيرها. علما وأن الترابط القائم بين الدول الأوروبية يساعدها حاليا على تجاوز هذه الأعطاب والاشكاليات” وفق قوله.
وتمكنت تونس، أمس الأربعاء، من تجاوز الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي من خلال الارتكاز على الشبكة الجزائرية (بين 600 و800 ميغاوات)، كما ساهمت ليبيا بنحو 50 ميغاوات، لذلك يساعد مزيد تحسين ترابط الشبكات في الرفع من امكانيات هذه البلدان لتخطي مثل هذا الإشكال.
وسيعزز مشروع الربط الكهربائي المتوسطي بين تونس وإيطاليا “ألماد”، بدوره، لتأمين استمرارية التزود بالكهرباء في تونس.
الكلفة الاقتصادية المتوقعة لهذا الانقطاع الكلي للكهرباء
أوضح الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، هشام عنان، أنه تم التمكن من تشغيل نحو 90 بالمائة من الشبكة في حدود السادسة صباحا مع إعطاء الأولوية للمصالح الحيوية على غرار المشافي والمراكز السيادية والصناعات والنقل وشركة استغلال وتوزيع المياه والمنازل…). لذلك لم يكن لهذا الحادث انعكاسا اقتصاديا هاما.
من جهة أخرى، أكد أن “كافة الفرق المنتشرة في مختلف الجهات التونسية، تعمل حاليا، على تقييم التأثير المباشر لهذا الانقطاع على الحرفاء الذين سيتم التكفل بتغطية أضرارهم عن طريق التأمين الخاص بالشركة التونسية للكهرباء والغاز”.
وات